نشرت
جريدة المدينة قبل سنوات، خبراً مفاده أن مربية بوذية كانت تعمل لدى إحدى الأسر، وذات يوم عادت الأم إلى البيت فإذا بها تجد أن المربية تعلم أبناءها السجود والركوع لتمثال بوذا، حيث وضعت تمثال بوذا أمام الأطفال، وبدأت تعلمهم كيف يسجدون ويركعون ويعبدون بوذا، والأم أثناء ذلك في العمل، تزعم أنها تخدم المجتمع وتنمي البلد؛ فكان نتيجة ذلك أنها أضاعت أبناءها وجعلتهم يعبدون غير الله ويشركون بالله، وهذا نموذج واحد... والنماذج كثيرة.
فالتربية تعد أطول عملية ترافق نمو الإنسان، إذ إن الإنسان قبل أن يبلغ العشرين يعتبر طفلاً يشرف عليه الأب والأم؛ لأنه لا يزال في حاجة إلى الرعاية، وهذا أمر معروف لكم جميعاً، والأب والأم يعتبران أن الابن في حاجة إلى الرعاية حتى يتخرج من الجامعة، وربما بعد ذلك، وهذه حقيقة، فإذا أُفسد منذ نعومة أظفاره، وربته المربية، وفقد حنان الأم وتربيتها -بحجة أنها تسهم في خدمة المجتمع- فإن المجتمع يكون قد ضاع في الحقيقة؛ لأن المجتمع هو عبارة عن هذه الأجيال التي هي الطاقة والقوة لأي مجتمع.
ولقد دلت البحوث التي بحثت في
أمريكا بالذات -وفي غيرها- على أن سبب انتشار الجرائم في العالم الغربي هو أن الشباب والأحداث المحترفين للجريمة لم يتربوا على أيدي الأمهات، وأن خروج المرأة وعملها هو وراء هذه الجرائم، ومن هذه الجرائم الشذوذ (اللواط) ونتيجة لانتشاره انتشر الإيدز.. المرض الذي يهدد العالم الغربي بل يهدد كل العالم تهديداً رهيباً، وما هو إلا إحدى عقوبات الله عز وجل التي يسلطها على من عصاه.. من عباده ليعتبر بذلك من اعتبر.
فخروج المرأة وعملها ليس -كما يزعم الخداعون والماكرون- أساس التطور والتقدم، وأنه لابد منه للتطور والتقدم والتنمية.
إن الله سبحانه وتعالى يقول مخاطباً أمهات المؤمنين: ((
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ))[الأحزاب:33] هذه هي القاعدة الكبرى، التي يجب على المرأة المسلمة أن تلتزمها وعلى كل امرأة مسلمة أن تجعلها نصب عينيها هذه الأمور: البيت.. وظيفة الأمومة.. تنشئة الأجيال.. تربية الشباب المؤمن القوي القادر على أن يكون قوياً في إيمانه.. قوياً في جسمه.. قوياً في محاربة أعداء الله وأعداء أمته، وما عدا ذلك فحالات عارضة لا يصح على أساسها أن يعد عمل المرأة هو القاعدة، حتى وإن كان في المجال النسائي البحت فهي حالة عارضة، يجب أن ننظر إليها على أنها مؤقتة، ويجب أن ننظر إلى أنه حتى تعليم الفتاة إنما هو مؤقت لكي تحصل على قدر من العلم يعينها على أن تكون أماً صالحةً لتتزوج، وهذا هو الهدف، وهذا هو الأساس.
ولهذا نجد أن كل من خالف الله عز وجل وكل من عصى الله فإنه يتحقق فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: {
بعثت بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وكتب الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم}، فالله تعالى قد كتب الذل والصغار على من خالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أعظم المخالفات التشبه بالكفار في تبرجهم وتهتكهم ومخططاتهم، ومناهجهم التربوية والتعليمية والسلوكية فيما يتعلق بجانب المرأة المسلمة.
إن أعداء الله في سبيل أن يسيطروا على هذه الأمة قالوا: لابد أن نشغل الفتاة المسلمة بالفتى المسلم، ونشغل الفتى المسلم بالفتاة المسلمة، فتجد الشاب في المدرسة وفكره في تلك الفتاة؛ كيف يراها؟ كيف يخاطبها؟ كيف يتقرب إليها؟ ويشتري دواوين الشعر التي تدل على ذلك، ويقتني الكتب التي تحث على ذلك، ويشاهد الأفلام والمسلسلات التي تحث على ذلك؛ وكذلك حال البنت أيضاً، فيكون في ذلك إضاعة لعمر الأمة؛ لأن الأمة هي عبارة عن هؤلاء الشباب والشابات، فإذا شغل الشاب بالشابة، وشغلت هي به كذلك؛ فإنهم يبقون -كما هو الحال في أكثر بلاد العالم الإسلامي- في غفلة عن أعداء الله، وعن قضايا أمتهم وما يدور فيها وما يحدث لها.. يهمهم آخر فيلم لفلانة أو آخر كتاب أو ديوان لفلان أكثر مما يهمهم ما يحدث في
أفغانستان، أو
فلسطين، وما يحدث هنا وهناك من أمور يجب على الشاب المسلم أن يهتم بها وأن يعيها ويعلمها.
يشغلهم ذلك عن العلم النافع.. العلم الشرعي الصحيح الذي لابد منه حتى مع الانشغال بغيره من العلوم الدنيوية، فلو كنت في كلية الطب أو الهندسة، أو كنت عاملاً أو موظفاً فلابد لك من العلم الشرعي.. لابد أن تعبد الله على علم.. تصلي على علم، وتزكي وتصوم وتحج على علم.
وهكذا فهم يشغلون الشباب عن طلب العلم بهذه المجلات، والمسلسلات، والأفلام التي تتخذ من المرأة وسيلة للجذب والإغراء، فيضيع عقل الأمة وفكرها، ويضيع مالها، ويضيع شبابها، وتضيع كل جهودها.. نتيجةً لهذا التخطيط، ونتيجةً لهذا الطعم الكبير -وهو المرأة- الذي جُعل في شبكة المؤامرة ليصطاد الأمة جميعاً، ويجعلها لقمةً سائغةً لأعداء الله تبارك وتعالى.